السبت، 27 يوليو 2013

أبجدية الأحلام الضائعة

مفتتح : 
حين كانت صغيرة وأرادوا أن يعلموها الأبجدية أقسموا عليها أن تحفظ هذه الكلمات كاسمها تماماً
وطني .. 
علمي ..
 حرية ..
 قومية ..
 سلام ..
 حمام ..
"جندي .. بلدي .. شجاع" ..
********************************************************
كانت تحلم بالوطن الكبير الواسع الذي يضم الكل تحت لوائه لا تفرقة ولا تمييز بين أي من أبنائه .. لكنه سُرق أو ضاع ليس المهم الطريقة المهم النتيجة التي وصل إليها !!
كانت تحلم بالعلم خفاقاً عالياً .. علم لا لون محدد له ..لكنه علم يجمع بين بياض القلوب الخيِّرة وسواد الأرض الطيبة وحمرة الدماء التي لا يقبل أهلها الذل أو الضيم .. لكنها لم تجد سوى قطع من القماش بألوان غريبة فرقت أهلها ورفاقها وشتتتهم في كل البقاع !!
كانت تحلم بالحرية لكل البشر .. الحرية في الفكر والعمل .. الحرية في الاعتقاد والتطبيق.. الحرية التي تصل لحدود السماء .. لكنها لم تجد سوى القمع المبرر باسم حماية الحرية والدفاع عنها !!
كانت تحلم بقومية عربية درستها في كتب التاريخ .. قومية تجمع كل البلدان العربية .. قومية تعني الأصل الواحد واللسان الواحد والمصير المشترك .. هي القومية التي عشقتها وهي صبية صغيرة .. لكنها اكتشفت في النهاية أنها أكذوبة وأنه لا يوجد أصل واحد ولا لسان واحد ولا حتى مصير مشترك .. وتيقنت بأنهم خدعوها في الصغر وأن حلم القومية هذا أمر مستحيل التحقق !!
كانت تحلم بالسلام .. سلام يعم كل أرجاء الأرض فلا حروب ولا قتل ولا دمار ولا خراب .. لكنها اكتشفت أن السلام ليس سوى مجرد كلمة تُعقد باسمها الاتفاقيات أمام الكاميرات ويُكتب عنها في الصحف والمجلات .. وفي اليوم التالي تجد الدماء تفيض من كل وسائل الإعلام ..
كانت تحلم بالحَمام .. حمام أبيض صغير يطير في أرجاء السماوات لينشر الحب والحياة .. لكنهم هدموا أعشاش الحمام وأخذوا يصطادونه ببنادق التحضر والمدنية .. فقُتل منه ما قُتل وأما ما بقي منه فقد هام طائراً لا يجد المأوى أو السكينة .. وبقيت هي كل ليلة تسمع نواحه على من غاب وضاع وقُتل !!
"جندي .. بلدي .. شجاع" .. كانت تحلم به جندي يحميها ويحمي من قبلها وطنهما ويضحي بروحه لأجل كل ذرة تراب في هذه الأرض الطيبة .. لكنهم شوهوا صورته وأضاعوا هدفه .. فصار إما ضابطاً برتبة رجل أعمال يستثمر ويبني .. أو مجرد جندي يحرس مكان لا ناقة له فيه ولاجمل .. وحين وضعوا رفاقه على الحدود وأقسموا على الموت بشرف وشجاعة عاقبوهم حينما وجهوا رصاصاتهم للعدو ورضيوا لأهلهم العيش في حسرة وحزن واكتفوا بجنازات عسكرية لا تسمن ولا تغني من جوع .. وحتى حينما قالوا له إن الوطن في خطر وعليك بمن هم يريدون له الأذى .. وجهوه نحو العدو الخطأ فطاشت رصاصته لتستقر في قلبها .. فماتت حزناً وكمداً !!
وهكذا اكتشفت أن أبجدية الأحلام التي تعلمتها وهي صغيرة هي أبجدية أحلام ضائعة لا وجود لها إلا في القصص الخيالية ذات النهايات السعيدة .. أما الواقع فلا أحلام فيه ولا حتى سعادة !!!
     

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق