الجمعة، 28 فبراير 2014

من زمان جداً


" ورغم إن الكلام أصلا بينقص حاجة  كل ما زاد !! "
 

الجملة دي في منتهى العبقرية الشاعر مصطفى ابراهيم اختصر فيها معاني كتييييييير أوي لو كان مية واحد قعدوا يشرحوها ما كانوش هيعرفوا .. ما هو أصل ساعات كتييير بيبقى نفسك وانت بتتكلم مع ناس معينة تقول كلام كتير وتعبر عن اللي جواك لكن بتلاقي إنك مهما اتكلمت بيبقى فيه حاجة ناقصة وإنك ما عرفتش توصل كل اللي انت عاوز تقوله ..
إيييييه دنيا !!!

#خواطر #ذكريات #15 يوليو 2013  #فيسبوك

الخميس، 27 فبراير 2014

ويسألونك عن الحزن !

ويسألونك عن الحزن 
قل
 هو شعورك بالحنين 
لضحكة طفولة زمان
لضمة قلب حنين
مليان دفا وأمان
*************
ويسألونك عن الحزن
قل 
هو شعورك بالوحدة
في وسط لمة الصحاب
في سلام كفوف القرايب
في سؤال بارد عن الحال
ظهر على لسان الحبايب
**************
ويسألونك عن الحزن
قل
هو شعورك بالتوهة 
في الجري ورا الأحلام
في رسم المصير بغير اهتمام
*************
ويسألونك عن الحزن
قل 
هو أول الحقايق
وآخر فصل في الكلام !!
  

الأربعاء، 26 فبراير 2014

تدوينة ملهاش معنى

وفي قلب الزحمة والدوشة..
 والضحك والزعل.. 
والهزار والجد..والقرب والبعادواللقا والفراق..
مازال البحث عن الذات مستمرا !!!

الثلاثاء، 25 فبراير 2014

لحظة الاعتراف

مع كل شروق للشمس كان الموعد يتجدد.. كان يستيقظ مبكراً ويسوي هيئته ويقف في المدخل في انتظار استيقاظها.. أما هي فكانت تستيقظ متأخرة عنه وتظل تروح وتجيء في غرفتها في تكاسل رهيب.. وبعد أن تنتهي من الاطمئنان على مظهرها وهيئتها تخرج إلى الساحة لتتمشى وتستمتع بشمس الشتاء الدافئة.. ويظل هو يرقبها من بعيد ليحميها حتى ولو كان ذلك بمجرد نظرات من عينيه يحيطها بها.. كان يود لو يأتي اليوم الذي تشعر فيه بحبه لها وتنهي هذا العذاب.. لكن كيف هذا وهي جميلة الجميلات التي تختال كل صباح في الساحة فيقع الكل صريعي هواها.. بينما هي لا تهتم بأي أحد منهم، ويبدو أن قلبها قد أوصد الباب نهائياً أمام أية مشاعر حب قد يصادفها.. 
ظل على هذه الحال أياماً عديدة حتى جاء اليوم ببدايته الغريبة ونهايته الأغرب.. فلأول مرة يستيقظ متأخراً.. نفض النوم عن جفونه على عجل وأسرع في ترتيب هيئته وخرج إلى الساحة.. لأول مرة يخالف عادته ولا يبقى واقفاً أمام المدخل ليتابعها.. أما هي فمع أول خيط من خيوط الشمس يتسلل إلى حجرتها كانت قد استيقظت والنشاط يدب في أوصالها.. وكالعادة أنهت مظاهر الاهتمام بهيئتها ثم خرجت إلى الساحة.. وبينما هي تتمشى اعترض طريقها غريب.. حاولت إبعاده عن وجهتها لكنه أخذ يحتك بها ويضايقها بهديله.. وهنا لم يستطع صاحبنا أن يقف مكتوف الجناحين فهاجم ذلك الغريب محاولاً إبعاده.. وهنا نشأ شجار أبعدها هي عن الساحة تماماً، ووقفت تتابعه من بعيد وفي قلبها يدب الخوف.. في النهاية انتهى الشجار بطرد الغريب وجرح الحبيب.. فساقتها خطواتها إليه في مشي أشبه بالطيران.. وأخذت تربت على جرحه وتنظر إليه نظرة ملؤها الحب والامتنان.. وهنا لم يستطع الصمت وأخبرها بكل ما يعتمل في صدره، فقط بعدة نظرات من عينيه.. فأومئت إليه بقبول حبه الغالي كأحلى هدية..
لكن القدر كان له كلمة أخرى.. فقد غمرهما فجأة ظل لشخص كبير الحجم.. وامتدت إليهما يده، فأخذه من بين جناحيها وسار به بعيداً.. ومن أحد الأركان أخرج آلة حادة يقال لها السكين، وهوى بها يحركها على عنقه يميناً ويساراً ليذبحه.. أخذ الطير المسكين ينتفض وهو يسلم أنفاسه الأخيرة.. كانت عيناه معلقتان بعينيها للمرة الأخيرة.. أما هي فوقفت تنظر إليه بعيون ملتاعة وقلب كسير.. لقد نسيا أنهما مجرد زوج من الحمام، حكم عليه القدر بأن يكون أحدهما غذاء لشخص ما.. شخص لن يهتم ولو للحظة وهو يلتهمه، بأية مشاعر كان يكنها الطائر المسكين لوليفته.. 
وبعد أن فاضت روحه تجمدت الدموع في عينيها للحظات.. ثم هوت فجأة فوق أرضية السطح لاحقةً به.. فهي لم تحتمل مجرد التفكير في أنها قد تكمل الحياة بدونه، حتى يلحقها نفس المصير.. ليكون اليوم الذي شهد مولد حبهما هو نفسه اليوم الذي ذُبحت فيه أرواحهما قبل أجسادهما !!


    

الأحد، 23 فبراير 2014

رفيق الليل

كان ينتظره في كل ليلة..
حتى في تلك الليالي التي يعرف أنه لن يظهر فيها..
فهو رفيقه الوحيد ومؤنسه في وحشته..
لكن هذا لم يكن يُسكت ألسنتهم عن السؤال عن سبب انتظاره له كل ليلة..
كان يود أن يحكي لهم عن قصته معه وسبب انتظاره له..
لكنه في كل مرة يبدأ بالحديث تخرج من بين شفتيه نغمات سحرية..
في أغلب الأحيان كانت تبدو النغمات حزينة..
ووحده من كان يدقق في الاستماع لها..
سيعرف سبب الانتظار الدائم..
فعلى صفحته هناك في أعالي السماء..
كان يراها فيسكن الشوق المعتمل في قلبه..
ويحط رحال السفر الدائم..
الذي اختاره القدر ليكون مصيره في الحياة !!

 

السبت، 22 فبراير 2014

شباك صغير أزرق اللون

 شباك صغير أزرق اللون..
يطلون منه على العالم.. 
في كل صباح ومساء تطير عبره الكلمات..
أملاً في اختصار كل المسافات التي تفصل بينهم..
شباك صغير أزرق اللون..
يرقبونه ليل نهار..
أملاً في تسرب بصيص من ضوء المعرفة إلى ممرات عقولهم..
أو نسمة من هواء المحبة إلى قلب أروحهم..
شباك صغير أزرق اللون..
مرسوم على حائط زجاجي..
في غرفة صغيرة تقع بداخل سجن صغير..
يقع في قلب سجن أكبر الذي يقع بدوره في قلب سجن أكبر..
ومن يراه من الداخل..
يبدو له أنه منفذ السجن الوحيد..
لكن من ينظر إليه عبر الفضاء..
يراه هو السجن الحقيقي..
لكن هذا ليس مهماً..
فأسراه يشعرون بداخله بسعادة..
لكنهم دائماً يحلمون بلمس أوتار الفرح..
التي يرونها في شباك آخر صغير أزرق اللون !!  
 

الجمعة، 21 فبراير 2014

المتهم البريء

خلف القضبان وجدته لا فوق منصة القضاء كما اعتاد الجلوس..
كان يقف ثابتاً شامخاً رغم مسحة الحزن التي تطل من عينيه..
اقتربت منه وحييته في احترام يليق بمكانته في نظري، لا بمكانه الذي حُكم عليه بالبقاء فيه.. 
استأذنته بأن أطرح عليه بعض الأسئلة فلم يمانع، وهكذا كانت البداية..
- من أنت ؟
- اسمي قاسم أمين .. وأنا إنسان مصري النشأة.. شاهدت الظلم أشكالاً وألواناً.. لكن أكثر ما أوجعني ظلم المرأة.. بالرغم من أنها هي سبب حياتنا ورقينا جميعاً!
- يقولون أنك كنت تدعو للسفور والخروج عن الدين؟
- لم أدعُ إلا لرفع الظلم عن المرأة ونيل حريتها.. وما خالفت الدين قط.. وكيف أفعل هذا وأنا مؤمن بالله.. لكنني عدت إلى أصول الدين حين كانت المرأة يُؤخذ رأيها في الحرب ويُتلقى العلم على يديها.. عدت إلى تاريخنا حين كانت المرأة ملكة وممرضة وقبل كل ذلك ابنة وزوجة وأم يقوم على كاهلها كيان أسري ناجح.. أبعد كل هذا أُتهم بهذه التهمة الفظيعة !!
- ما ردك على قولهم بأنك نفذت مخططاً استعمارياً أراده الانجليز والفرنسيين؟!
- لم أفعل ذلك طبعاً.. لقد ألقيت فقط حجراً حرك الماء الراكد.. ولولا مساندة شيخي الجليل محمد عبده لكنت أنا نفسي صدقت ما يقولون.. بالله عليكِ قولي لي كيف سيكون شعور امرأة يتم الزواج عليها  ويُؤخذ ميراثها ولا يُؤخذ رأيها في أمر زواجها وتكون النهاية أن تتزوج من هو أكبر منها بعشرين أو ثلاثين سنة؟!.. وكيف سيكون شعورها عندما تأتي نسمة أمل تحفزها على رفض كل هذا والحصول على حقها الذي نص عليه الدين ؟!.. لو كان هذا مخططاً استعمارياً فأهلا ومرحباً به!!
- ما أكثر ما يحزنك ؟!
- أن بعض النساء والفتيات في العصر الحالي أساءوا إلى الحرية التي كافحت من أجل أن يحصلن عليها.. والأقبح أنهن يلمنني لأنهن نزلن من بيوتهن إلى العمل ويكافحن من أجل لقمة العيش ويتعرضن للتحرش.. ليس ذنبي أن ذلك المجتمع المريض المتخلف أساء إلى كفاحي وكفاح الإمام محمد عبده.. حقاً ليس هذا بذنبي.. لكنني أتألم وأخاف أحياناً أن أحمل وزر كل ما يحدث اليوم!!
بالإضافة إلى ذلك فإنني حزين على فراق صديق عمري سعد زغلول والإمام المعلم الملهم محمد عبده.. لكننا أثق بأن لنا لقاءً قريباً في جنة الخلد..
وهنا تبخرت القبضان وتحولت صورته إلى مجرد دخان في الهواء.. 
فرحلت تاركةً خلفي أسئلة كثيرة تؤرقني..
لكنني للأسف لن أجد لها أية إجابة !!!

الخميس، 20 فبراير 2014

البائس الغامض

بين الضباب سمعت صوت جلبة قادمة من بعيد..
اقتربت قليلاً فأخذ وقع الصوت يزداد والضباب ينحسر بعض الشيء..
وأخيراً وجدت أمامي مشهد لشخص يتجاذب ذراعيه جماعتين من الناس..
وبسؤاله عن السبب أجاب قائلاً:
اسمي فرانس كافكا.. وهؤلاء هما قومي يتنازعون على ملكيتي بالرغم من أنني لست ملكاً لأحد..
سألته مرة أخرى عن سبب ذلك متعجبة مما يحدث !..
قال : أنا من أصول تشيكية.. ولدت في براغ وعشت وعائلتي فترة طفولتي فيها.. لكنني أحببت اللغة الألمانية وكانت هي لغتي التي أكتب وأتحدث بها.. ولهذا شعرت بها تفصلني عن سكان بلدي التشيك.. كنت أشعر بالغربة في كل شيء.. لهذا أيضاً أعتبر نفسي ضيفاً على اللغة الألمانية.. وهم إلى الآن وحتى بعد رحيلي عن الدنيا يأبون أن يتركوا روحي تحيا بسلام فيتنازعون ملكيتي - وأعني هنا ملكية أعمالي - لينسبوها إلى أدبهم.. فتارة يقول التشيكيون أن ما كتبته ينتمي إلى أدبهم وتارة يقول الألمان أن أعمالي تنسب إلى أدبهم.. وأنا بين هؤلاء وأولئك أقف حائراً وضائعاً وحانقاً.. فالأدب لا يجب أن تكون له هوية .. لأنه كُتب عن الناس ولأجل كل الناس!!
هنا بادرته بالسؤال : هل ضايقتك أصولك اليهودية يوماً؟!
رد : نعم وإلى الآن ما زالت تضايقني من بعض بني عالمكم العربي، الذين يخلطون الدين بالسياسة بالأدب ولهذا لن يتقدموا مهما حصل.. إنني مغتاظ من هذا بشدة.. أفلا يكفيني ما فعله هتلر بي وبكتبي حين حرقها عام 1933 ليأتي العالم اليوم ويحكم علي بسبب معتقدي .. إن هذا لهو قمة العبث !!
أرد أن أحول مجرى الحديث قليلاً فسألته: 
إلى من تعزو الفضل في إلهامك بما كتبت؟ وهل أنت حزين أو متضايق لأن صديقك خالف وصيتك ونشر أعمالك بعد موتك ولم يحرقها كما طلبت؟!
أجاب قائلا: 
إن أبي هو صاحب الفضل الأول في شعوري بالضياع.. لقد زرع بداخلي كل التناقضات الموجودة في العالم وبسببه عشت بنفسية مرتبكة ومدمرة أحياناً.. علاقتي به كانت عجيبة.. فأنا أحببته وأعجبت به لأنه إنسان عصامي بدأ من أول خط الفقر حتى صار تاجراً غنياً.. لكنني كنت أستغرب كثيراً علاقته بأمي وإخضاعه لها وهي ذات المكانة الرفيعة.. لكن يمكنني أن أوجز لكِ بأنه لولاه لما استطعت أن أكتب بهذا الشكل!
أما عن مخالفة صديقي لوصيتي فيمكنني القول أنني كنت حانقاً عليه في البداية لكنني فرحت بعد ذلك فلولاه لما عرفني العالم ولا عرفته !!
قلت له : وماذا عن المرض ؟!
فقال : هو العذاب الأكبر الذي حرمني من بهجة الحياة والحب!!
عند هذا الحد شعرت بالأسى والرثاء لحاله وقررت الانصراف تاركةً إياه في معمعة الشجار حوله.. ترى هل يمكن أن ينتهي هذا الشجار يوماً؟!!!

الأربعاء، 19 فبراير 2014

شخبطة

تبدأ بالحرف..وحرف على حرف تنور كلمة..لكن تعاند معاها كلمة تانية.. فترسم خط ورا خط ورا خط فوق الكلمة.. تتكون شخبطة..فتبدأ تخاف..تطمنها الفكرة فتكمل..وجملة ورا جملة تزيد الشخبطة.. لكن المرة دي ما تخافش..وفي آخر الورقة تبص ما تلاقيش شخابيط زي ما كانت فاكرة.. لكن بتشوف فراشات ونور وقوس قزح وقلوب بيضا صغيرة بس مليانة حب ودفا.
وفي زاوية صغيرة في آخر الورقة تلاقي بنت صغيرة بتجري ورا الفراشات بس مش عشان تمسكها..لأ ده عشان تمسك في جناحها وتطير زيها.. لأنها متأكدة إنها هي بس اللي عارفة سكتها ومعاها هتوصل يعني هتوصل !!ه















الثلاثاء، 18 فبراير 2014

فارس الرومانسية

وأنت..
أنتِ يا توأم الروح..
يا منية النفس الدائمة الخالدة.. 
يا أنشودة القلب في كل زمان ومكان..
مهما هجرت ومهما نأيت..
عندما يوشك القرص الأحمر الدامي على الاختفاء..
ارقبيه جيداً.. 
فإذا ما رأيت مغيبه وراء الأفق..
فاذكريني..
                           بين الأطلال 1952
------------------------------------------------------------------------
 في مكان ما بين السماء والأرض حيث تهيم الأرواح التقيته..
ويال سعادتي حينها..
فهو فارسي ومثلي الأعلى..
هو أول من قاد خطوات القلب إلى عالم الرومانسية..
وأول من زرع فيي الحُلم بأن أكون كاتبة..
هو أول أسرني بخياله وصدمني بواقعيته..
تقدمت إليه سريعاً حيث كان يجلس فوق غيمة بيضاء، وهو يدون كلمات لم أدرِ ما كنهها..
ناديته همساً إذ لم أشأ أن أفسد عليه لحظة انهماكه في الكتابة..
ولما لم يلتفت أعدت النداء بصوت أعلى قليلاً وقلت :
أيا فارس الرومانسية هل تأذن لي بمقاطعة خلوتك لبعض الوقت؟!..
عندها رفع رأسه والابتسامة الذهبية تعلو وجهه، ونسمات الهواء تداعب خصلات شعره الفضي، وقال :
أهلاً بكِ يا بنيتي.. إن وقتي كله ملكك فتحدثي كيفما تشائين، ولا تقلقي فأنا لم ولن أتضايق من مقاطعتك لخلوتي.. 
ابتسمت ابتسامة واسعة وحاولت بدء الكلام، لكن عينيه الزرقاوين أخذتا تحدقان بي في حنو فألجمتا لساني..
وبعد برهة من التحديق قال : يُخيل إلي أنني أعرفك أيتها الشابة منذ زمن بعيد..
رددت : نعم يا فارسي ويا ملهمي..
لقد تعارفنا منذ سنوات صباي الأولى.. مع أول مشهد من فيلم رد قلبي.. مع أول كلمة من رواية بين الأطلال.. مع أول دمعة ذرفها كلانا على عايدة وأحمد في إني راحلة.. مع أول بذرة إيمان بأن العمر كله يهون إلا لحظة في العمر لحظة..
بفضل كلماتك آمنت بأن الأمل لن يموت.. وتعلمت بأن حزني وشجني ليسا عيباً.. وصدقت بأن هناك توأم لروحي يحيا في هذا العالم، وأحلم أن أجده يوماً ما !..
فابتسمت كل ثنية من ثنايا وجهه وقال : نعم نعم.. لقد تذكرتك أيتها الشابة.. لكم كنت مصدر سعادة وقلق لي في نفس الوقت!..
سألته: لماذا يا فارسي العزيز؟!..
أجاب : كنت أسعد بمشاعر الإيمان والأمل والحب والمواساة التي تمنحها لك كلماتي.. لكن في نفس الوقت كنت أقلق من استغراقك في عالم الأحلام وتؤلمني دموعك على أبطالي الخياليين الواقعيين وعلى أوجاعك!..
عندها لم أنتبه للنصف الثاني من الجملة الأخيرة ووجدتني أسأله : كيف تقول عن أبطالك خياليين؟!.. أوليست شخصية عايدة وانجي ومنى مستوحاة بالفعل من شخصية دولت ابنة عمك وحبيبتك وزوجتك؟! 
رد : لاحظي أنني قلت بأنهم خياليون واقعيون.. وليست كل تفاصيل حياتهم حدثت في الواقع.. صحيح أن دولت هي بطلة رواية إني راحلة، فنصف القصة الأول يصور فترة خطوبتنا وعلاقتنا كأولاد عم، لكن نصفها الثناي فخاص لوجه التأليف والحبكة القصصية.. وصحيح أنها هي انجي التي كانت تنتظر عودة علي في أجازته الأسبوعية من الكلية الحربية لتمضي الساعات إلى جانبه دون أن تشعر بوقعها، وهذا هو ما كان يحدث معي فعلياً.. إلا أنها لم تكن ابنة أمير تركي.. وصحيح أنها منى العاشقة التي التهمت كل سطر كتبته حتى صارت القارئة الأولى والحبيبة الدائمة.. إلا أنها لم تتركني وتتزوج غيري ولم أمت بالطبع إلا بعد أن أنجبنا اسماعيل وبيسا ولدينا بسنوات طويلة!!..
وهنا قهقهنا ضاحكين... ثم أردفت:
لطالما شغلتني قصة الحب العنيفة التي لاقت صعوبات جمة في رواية رد قلبي.. ولطالما أعجبتني فكرة أن الحب انتصر في النهاية وتزوج ابن الجنايني من الأميرة ليثبتا بأن كل البشر متساوون وأنه لا فوارق في الحب.. فهل يا تُرى كنت حقاً تعني تلك النهاية ؟ أي هل أنت مؤمن بأن الحب يلغي الفوارق الطبقية اللعينة؟!
تنحنح بعض الشيء ثم قال :
حين سألتني ابنتي بيسا ماذا سأفعل لو جاء يوم وأحبت ابن عم يوسف الجنايني كما فعلت انجي في الرواية، أجبتها بأنني بالتأكيد سأشعر بالفرق.. وأنني أقول هذا في الكتابة فقط.. فنحن نحاول في الكتابة أن نهيئ لأنفسنا ناحية من الإرضاء نفتقدها في الحياة.. لكن الحب الأفلاطوني هذا قد يصلح لأن يكون موضوعاً لقصة ناجحة.. أما أن نجعل منه حقيقة واقعة فهذا قد يجلب علينا الحسرة والندم.. إننا لكي ننجح في الكتابة علينا أن نُحكِّكم قلوبنا لكن لكي ننجح في الحياة علينا أن نُحَكِّم عقولنا!!
ذهلت من هذا الرد الصادم وأطرقت أرضاً في حزن..
وجدته يربت عليِّ بإشفاق ويقول : سامحيني لكن الحياة ليست دائماً عادلة.. وإنني ما قلت هذا إلا لأنني لا أريد أن تتألمي فيما بعد.. وهذه هي ضريبة النضج!
أومأت إليه بنظرة متفهمة وإن بدت غير راضية في نفس الوقت.. 
قال: أعلم بأنك عنيدة ولن تتوقفي عن الإيمان بانعدام الفوارق في الحب.. لكنني أيضاً أثق بأن هذا الإيمان لن يكبل عقلك عن التفكير السليم..
اتسعت ابتسامتي زهواً وفخراً.. ثم وجهت أسئلتي نحو منحى آخر..
فقلت : هل ترى أن الأديب الناجح هو صحفي ناجح؟! وهل ترى تولي الأديب لمناصب إدارية في الدولة أمراً مفيداً له؟!
أطرق في صمت مسترجعاً ذكريات الماضي، ثم قال:
ليس بالضرورة أن يكون الأديب الناجح هو صحفي ناجح، لكنه بالتأكيد سيكون متمكناً من أدواته أثناء الكتابة.. وستكسبه الصحافة فرصة الملاحظة والاستنتاج والوعي بكل ما يحدث، وفنون التعامل الصحيحة مع كل طارئ.. والأديب الناجح هو الذي يدخل مجال الصحافة من باب النقد وكتابة المقال لا غير ذلك.. 
أما عن تولي الأديب لمناصب إدارية فأنا أرى أنها لعنة وقيد يكبل حريته لا شُرة ونعيم كما يتصور البعض.. فما بين المشاكل المادية في إدارة المؤسسات الصحفية، والاختلافات في المذاهب والآراء بين الكُتَّاب وضرورة التوفيق بينها لمصلحة الجميع في الاتحادات الأدبية، وبين تخلي الأديب عن التعبير عن رأيه والالتزام بوجهة نظر رئيس الدولة وخطتها أثناء تولي المناصب الوزارية يضيع الأديب.. كما قد يجف نهر إبداعه ويكتسب المزيد من الأعداء كما حدث معي تماماً..
أطرقت في حزن وقلت :
لهذا اغتالوك في قبرص أثناء حضورك لمؤتمر التضامن الأفروآسيوي، الذي عُقد لصالح القضية الفلسطينية، بصفتك أمين عام المؤتمر عام 1978؟!
شرد بعيداً ثم تحدث قائلاً:
لقد لامني الجميع لأنني أيدت الرئيس السادات ورافقته بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد ضمن الوفد المصري إلى القدس.. واعتبر الجميع أنني صرت خائناً للقضية الفلسطينية وأنني نسيت أن الصهاينة أيديهم مازالت ملوثة بدماء الفلسطينيين.. لهذا قرروا الانتقام مني.. قتلوني بدم بارد وبكل خسة بدعوى أن لي آراءً معادية للقضية الفلسطينية.. ثلاث رصاصات في الرأس أطلقوها فجأة علي أثناء توقفي أمام منفذ بيع الجرائد والمجلات أمام القاعة التي يُقام بها المؤتمر.. من رحمة ربي أنني لم أتعذب كثيراً وفاضت روحي لبارئها..
سألته : هل أنت حانق عليهم ؟!
أجاب : لا لم أحنق يوماً عليهم.. لكن أكثر ما آلمني كم القتل والكراهية اللتين استشرتا من بعد وفاتي.. فحنقي الحقيقي كان على الرئيس السادات الذي اهدر دماء رجال قواتنا المسلحة بدعوى تحرير الرهائن من زملائي الكتاب الذين اختطفوا فيما بعد من قِبل قاتليِّ.. وعلى حرمانه للفلسطنيين جميعهم من حقوق منحها لهم الرئيس عبد الناصر، فعاقب شعب كامل بذنب ليسوا مسئولين عنه.. وأثار العدواة لسنوات بيننا وبين إخوتنا الفلسطنيين.. لا أظن أن التاريخ سيسامحه على ما فعله!
كما كان أكثر ما عذبني بعد موتي دموع أسرتي وقرائي.. لكنني كنت أعلم أن الموت قريب جداً مني.. ذلك الموت الغاشم الذي اختطف مني والدي يوماً وترك جرحاً في قلبي لا يندمل.. ذلك الموت الذي كنت أخشاه على أبنائي وتخشاه عليِّ حبيبتي دولت..
على كلٍ أنا لم أحزن يوماً على فراقهم لأنني كنت أتابعهم في كل ليلة من أعمارهم.. وأحيا في هذا البرزخ منتظراً مجيئهم ليؤنسوني ونعيش سوياً في الجنة كما عشنا يوماً في الدنيا..
عند هذا الحد وجدتني أفرك عينيِّ وكأنه هناك شيء يلهبها.. 
لأفتحهما بعد ذلك وأكتشف أنني عدت إلى عالم الواقع، وأن هذا اللقاء ما كان إلا من وحي بنات الخيال والأحلام !!
----------------------------------------------------------------------------------
المراجع :
كتاب يوسف السباعي سبعة وجوه للكاتبة حنان مفيد
 

 
 
 

الاثنين، 17 فبراير 2014

ي و ي و

 
وهتفضل علطول لعبتها..
كمنك دوبت وحبتها..
إكمنك صدقت عينيها..
وبقت روحك بتجري عليها.. 
                                                                  " فريق وسط البلد "
------------------------------------------------------ 

في قلب الظلام الدامس أخذ يتحرك في قلق..
لقد مرت عدة ساعات وهو حبيس ذلك الدرج..
لكن ذلك لم يكن سبب ضيقه أو قلقه..
بل كان شوقه إليها، الذي يستعر بداخله هو السبب..
كان يحلم باللحظة التي يرى فيها النور ويتمكن من ملامستها..
وكان الوقت رحيماً به فلم يدعه ينتظر أكثر من ذلك..
وها هي قد دخلت الغرفة..
ومع كل خطوة تقترب فيها من موقعه كانت طبول الفرحة تدق بداخله..
وأخيراً فتحت الدرج وأمسكته بيديها الناعمتين..
أخذت تنتناقله بين يديها وهو يكاد يطير من السعادة..
ثم فجأة أمسكت بحلقة صغيرة أعلاه..
وفي ثانية جذبت الحلقة فامتد الخيط وتركته يسقط من يدها..
فهوى نحو الأسفل وكأنه في تجربة سقوط حر..
لكنها فجأة جذبت الخيط وأعادته إلى يدها مرة أخرى..
لم يكترث بل شعر بالأمان أكثر..
لكنها لم تتوقف وأعادت الكَرَّة..
وهكذا قضى لحظاته القليلة معها بين سقوط وصعود..
وهي الوحيدة المتحكمة في مصيره..
غير عابئة بخطورة احتمال انقطاع الخيط..
أما هو فلم يهتم بكل هذا أو يخشاه..
كان المهم عنده أن تكون سعيدة..
وألا يفارق يدها أبداً..
حتى لو كان الثمن الذي سيدفعه هو التهشم أرضاً !!



الأحد، 16 فبراير 2014

الملاك

كان قد مر وقت طويل لم تلتقيها فيه.. في كل يوم كانت تبحث عنها بعينيها.. تارةً في الصباح أثناء تنقلها من شارع لآخر متجهةً إلى مقر عملها.. وتارةً بعد الظهيرة في وقت المغادرة عند بوابة المبنى الذي تعمل فيه.. فتظل تروح وتجيء بعينيها دون جدوى.. وتعود إلى المنزل وهي محملة بثقلِ خيبةِ الأمل في القلب.. حتى جاء اليوم الذي عطفت فيه السماء عليها.. ففي موعد الانصراف وأثناء خروجها من البوابة لمحتها فنادت عليها ولوحت بيدها.. وبمجرد أن سمعت صوت ندائها ركضت الصغيرة نحوها.. فاحتضنتها كالعادة وأوسعتها تقبيلاً وعناقاً.. قالت لها لقد اشتقت إليكِ كثيراً ياصغيرتي، ألم تشتاقي إلي؟!.. فأجابتها : بلى اشتقت إليكِ كثيراً.. وحاولت براحتها الصغيرة احتضان كفها الكبير، لكن فاجأتها برودة في أطراف ذلك الكف الكبير.. فنظرت إليها بقلق وهي تقول : إن يَدَكِ باردةٌ جداً، لماذا؟!! .. ودت لو أن ترد عليها بالقول بأنه ليست اليد وحدها هي الباردة.. فهناك في الأعماق قلبٌ صغيرٌ يرتجف من البرد، ويود لو أن يبقى في أحضانها الدافئة الصادقة إلى الأبد.. وفي نفس اللحظة التي هامت فيها مع خواطرها فاجأتها الصغيرة بفعلةٍ كانت كالسحر.. لقد قربت اليد الكبيرة من فمها الصغير وأخذت تنفخ فيها في محاولةٍ منها لتدفئتها.. كادت عيناها أن تدمع عندما رأت الصغيرة تفعل ذلك معها.. وتيقنت حينها أنه ما من حب في الحياة أصدق من حب طفلة صغيرة، لم يعرف قلبها من هذه الدنيا سوى البراءة والحنان.. ثم حانت لحظة الوداع فاحتضنت الصغيرة بقوة على وعدٍ منها بلقاءٍ قريب.. وظلت واقفةً في مكانها ترقب الصغيرة وهي تبتعد حتى غابت عن ناظريها.. فرفعت رأسها إلى السماء وفي قلبها امتنانٌ عميق لله، الذي أبى إلا أن يرسل لها ملاكاً يربت على قلبها بيد من رحمة ويد من محبة !!! 

السبت، 15 فبراير 2014

هما سواء !

قد يولد المرء وفي جعبته منحة أو موهبة قد حباه الله بها.. 
ويكون شكر تلك العطية بأن تُستخدم وترى النور لا أن تندفن في رمال النفس..
لكن تبقى المشكلة الأزلية ألا وهي الفرصة التي يحلم بها المرء لإظهار تلك الموهبة، وأن يرى ثمرتها في أعين الناس وقلوبهم..
فيظل صاحب أو صاحبة الموهبة يكافح يميناً ويساراً..
وينشد يداً تمتد إليه لتساعده في استثمار موهبته وإبرازها بصدق..
ربما يحالفه الحظ وربما يتخلى عنه..
لكن عليه دائماً أن يثق في موهبته ويعمل على تطويرها دائماً وأبداً..
فهذا أيضاً وجه آخر لشكر النعمة..
وإنني لأرى أن الغناء والكتابة في هذا الأمر سواء..
فالصوت الرائع القادر على مس شغاف القلب والسفر بك إلى عالم من السحر..
والقدرة على كتابة قصيدة أو قصة أو رواية صاغ حروفها عقل مبدع وزرع بين سطورها إحساساً صادقاً..
موهبتان جميلتان سَعِدَ من حباه الله بإحداهما..
لكنهما وكما ذكرت في الأعلى يحتاجان إلى تدريب شاق ويد معينة لتريا النور..
ومن حسن الحظ في وقتنا الحالي انتشار ورش الكتابة وبرامج المسابقات الغنائية -وإن كنت أتحفظ على كثير منها- اللذين تمكنا من توفير فرصة لنجاح وصعود العديد من المواهب الشابة..
وفي رأيي الشخصي يعتبر برنامج The Voice هو أفضل برامج المسابقات الغنائية على الإطلاق..
ففيه قُدمت كثير من الأصوات الرائعة التي سيكون لها شأن حقاً في عالم الغناء..
لكن يبقى شيء ألا وهو..
كلما كان لصاحب الموهبة علاقات واسعة في مجاله - على سبيل المثال هنا مجال الغناء والوسط الفني- كلما زادت فرصه في الصعود والنجاح..
لهذا سيظل صاحب الموهبة الحقيقية يعاني ويتعرض لخطر موت موهبته إذا كان فقير العلاقات أو غير قادر على تسويق موهبته بشكل جيد..
وبناء عليه فإن الدور الحقيقي الذي يجب أن تقوم به برامج المسابقات الغنائية بالتحديد هو توفير فرصة فعلية لصاحب أفضل صوت ومساعدته على دخول الوسط الفني فعلاً..
لا الاعتماد على تصويت المشاهدين واستنزاف نقودهم بلا جدوى فعلية !!!!  

الجمعة، 14 فبراير 2014

وللعيد قصة !

احتفل اليوم كثيرون بمناسبة تسمى عيد الحب أو كما هو معروف لدى الغرب باسم عيد العشاق.. ورغم أن اسم العيد لا يعني الحب أو العشق إلا أنه يحمل دلالة على ذلك.. لكنني أعتقد أن الكثيرين لم يفكروا في سبب تسمية هذا العيد أو ماهيته.. 
ولهذا قررت أن تكون تدوينة اليوم عن ماهية هذا العيد أو بعبارة أخرى عن ماهية تسمية العيد بهذا الاسم.. فقد اختلفت الروايات حول سبب التسمية لكنها في المجمل تشير إلى أن هذا اليوم تم اعتباره يوماً جديراً بالاحتفال تكريماً لقس يدعى فالانتين.. وكما أشرت إلى أنه اختلفت الروايات حول شخصية فالانتين المراد الاحتفال بذكراه.. إلا أن الرواية الأكثر انتشاراً تقول بأن القس فالانتين هذا هو رجل دين رفض الانصياع لأوامر الامبراطور الروماني كلوديوس الثاني وترك المسيحية أو التوقف عن تزويج الشباب.. وكان الامبراطور يرى أن الرجال المتزوجين لا يمكن أن يكونوا جنوداً أكفاء كما أنه كان مؤمناً بالوثنية.. لهذا قرر إعدام القس فالانتين، الذي نجح في سجنه في شفاء ابنة سجانه.. وتذهب الروايات إلى أنه أحبها وكتب فيها رسالة أخيرة قبل إعدامه والتي تعتبر أول بطاقة حب في التاريخ.. 
ومن هنا أصبح القس فالانتين رمزاً للحب والدفاع عن الإيمان.. وبرغم اختلاف هذه الفكرة مع معتقدي الديني إلا أنني سأظل دائماً أحترم فكرة هذا العيد وأحبها.. وإن كنت أحلم بأن يأتي اليوم الذي نحتفل به بطريقة صحيحة.. فنحتفل بالحب في كل يوم وليس فقط في يوم الفالانتين !!!
-----------------------------------------------------------------------------------------
مرجع التدوينة : "ترجمة مقال عيد الحب في موقع ويكيبيديا" 
النص الأصلي في موقع ويكيبيديا حول عيد الحب 

الخميس، 13 فبراير 2014

الحب هو الحل !

ذات مرة قرأت مقولة كان نَصُها :
اطلبوا الحكمة من أفواه الحكماء
ومما لا شك فيه أن الاستزادة من خبرة الحكماء له فائدة كبرى في تغيير حياة الإنسان وإثراء فكره.. لكن الحكمة لا تؤخذ فقط من أفواه الحكماء، بل أيضاً قد تؤخذ من تجارب وقصص أُناس عاديين مثلنا تماماً.. وأيضاً من مشاكلهم الحياتية التي أعيتهم السبل في حلها فلجأوا إلى من يمتلك قلباً أوسع ورؤية أوضح تمكنهم من إيجاد الدرب..
وهذا هو حال صفحة بريد الجمعة في جريدة الأهرام.. تلك الصفحة التي أسسها الراحل عبد الوهاب مطاوع وكان يفيض من خلالها بكلماته المواسية تارة والمشجعة تارة أخرى لأصحاب المشكلات، فتنير لهم بصيصاً من الضوء وتهديهم إلى خيط رفيع لحل مشاكلهم.. وقد تواكب على هذه الصفحة بعد رحيله عدة كُتاب حاولوا مساعدة الناس الذين لم يجدوا إلا الورق ليبثوه همومهم ثم يرسلونه في البريد ليصل إلى أيدٍ أمينة قد يكون لديها حل لما يعانونه.. وقد وجدت أن الأستاذة جيهان الغرباوي هي أفضل من خلف الراحل عبد الوهاب مطاوع في تسليط الضوء على مشاكل الناس بدقة ومن ثم إيجاد الحل لها أو المواساة لأصحابها..
ومع بداية العام الجديد كتبت في عمودها الوارد بالصفحة ما يفيد ويوضح سبب فشل أغلب العلاقات العاطفية والإنسانية.. فالسبب باختصار هو غياب الحب.. لقد كتبت تشرح بأن الرجال والنساء في وقتنا الحالي حين يتزوجون أو يرتبطون بمشاعر حب مع آخرين وتفشل علاقتهم فإن هذا يرجع لأنهم وضعوا للحب شروطاً.. وقد يكون الأمر أن المظاهر قد أغرتهم، أو اختلط عليهم الأمر ما بين الرومانسية والإثارة وحب التملك والابتزاز العاطفي.. بينما الحب هو الحب..
إن الأستاذة جيهان ترى بأن الحب هو رغبة مخلصة في القلب تجعل الإنسان قادراً وراغباً في دعم شخص ما حتى يكون أفضل ما يتسطيع أن يكونه.. وهو عطاء كبير تمنحه للآخر ومعه أيضاً حقه في حريته واستقلاله عنك، وقبولك به كما هو دون أن تحاول تغييره.. 
لقد ناشدتنا الأستاذة جيهان بألا نصدق أغاني الحب التي أخبرتنا بأنه يجعلنا مع من نحبهم شخصاً واحداً.. فالحب لا ينفي حقيقة أننا أتينا إلى هذا العالم وحيدين وسوف نرحل عنه وحيدين.. لكن التوحد النفسي والذهني والإنساني مع الحبيب يجعل للحياة معنى ومتعة ونوراً واتجاهاً.. وقد يكون الأمر جميلاً إذا وجد الإنسان من يعده بأنه سيحبه للأبد.. لكن لنفكر دقيقة.. هذا الوعد هو وعد أجوف، إذ لا توجد وثيقة تأمين على الحب مدى الحياة.. فهو تجربة تعاش يوماً بيوم، ولابد أن يبذل المرء مجهوداً واهتماماً كافياً كل يوم كي لا يتراكم على القلب الغبار أو تفتر المشاعر..
وأضافت الأستاذة جيهان بأن الحب طاقة إيجابية رائعة لدرجة أن التجارب العلمية أثبتت أن السيارات التي يحبها أصحابها يطول عمرها وتستجيب بصورة أفضل مما سواها لأن الذرات المعدنية تستجيب بطرق مختلفة وفقاً لاختلاف الأشخاص.. 
ولهذا ناشدتنا - نحن القراء - في نهاية المقال بالآتي :
- امنح الحب قبل أن تفكر من أين تحصل عليه !
- امنح الحب دائماً واجعله دستور حياة ودين عقيدة وطوق نجاة، وسوف تكون أول من يحصد السعادة!
- لا تقف في البرد وحيداً تنتظر حتى يمر أحد ويقابلك صدفة ويحبك.. إنك بذلك تهدر عمرك في انتظار من لا يجيء!
- أفضل طريقة للحصول على الحب هي أن تمنحه أنت أولا !.. فقد اكتشف علماء السلوك بأن الذي يسبب الاضطرابات النفسية ليس الافتقار للحب بل الافتقار إلى منح الحب.. لهذا تعطي بعض االملاجئ للأطفال الأيتام في الغرب حيوانات أليفة كي يربوها ويتعلمون بسببها العطاء والحب..
وفي النهاية تقول :
لا يوجد على الأرض صعوبة لا يستطيع الحب قهرها ولا خطيئة يستطيع تجاوزها.. 
وأنا أصدق في هذا بكل إحساسي !  

الثلاثاء، 11 فبراير 2014

حاجة حلوة

رغم الغيوم اللي مخبياها، كانت الشمس لسه قادرة تثبت وجودها..
بصيص الضوء اللي بيزاحم الغيوم، كان بيقول إنه لسه فاضل ساعتين بحالهم على صلاة العصر..
والناس في الشارع كانوا عاملين زي النمل اللي ماشي بهمة، عاوز يلحق يروح بيته..
بس العجيب إن شوية منهم كانوا مكشرين والباقيين باين عليهم.. 
أما هو فكان ماشي في قلب الزحمة كأنه في ملكوت لوحده.. 
بيزق عربيته بكل همة ونشاط، وابتسامته مرسومة بمنحنى واسع على شفايفه..
استغربت وجوده في وسط المشهد العبثي ده..
لكن هو ما كانش مهتم بكل ده...
واكتشفت السبب ورا عدم اهتمامه ده..
أصله كان ماشي في ملكوته ومزيكته الحلوة مصاحباه..
مزيكا عزفها بأداة غريبة كده، لما دققت النظر فيها عرفت إيه هي..
طلعت مقصوصة من اللي بتستخدمها ربات البيوت في المطبخ عشان تطلع بيها الأكل من الصينية..
هو كمان كان بيعمل زيهم..
بس الفرق إنه كان بيطلع حتت البسبوسة اللي زي الشهد من الصواني عشان يبيعها للي عاوز يحلي بقه..
وقدر الراجل ده في وقت قصير إنه يخليني أحس بشعورين متناقضين..
كنت فرحانة بيه وقلقانة عليه..
فرحتي بيه كانت نابعة من دهشتي بإنه لسه فيه حد زيه كده..
وإعجابي بإنه لسه مصر يكافح عشان يكسب لقمته، وسط غيلان محلات الحلويات وإهمال الناس..
وقلقي عليه ظهر لأني كنت عاوزاه يروح مجبور الخاطر ويبيع كل حتت البسبوسة اللي معاه..
كان كل اللي بيطمن خوفي الجملة المكتوبة على عربيته :
الله يفتح ولا أحد يغلق 
أما هو بقى فالخوف ده عمره ما عرف طريقه ليه..
كان بيقف قدام كل محل شوية، ويعزف موسيقاه الرنانة بالمقصوصة إياها فابتسم وأقول يارب حد يشتري منه..   
 ويطول في الوقفة على قد ما يقدر، ولما ما حدش يشتري يمشي وراسه مرفوعة وابتسامته بتنور وشه..
لحد ما وقف قدام محل ملابس خرج منه راجل في أواخر التلاتينات..
خرج زي الملهوف وكأن نغمات المقصوصة سحرته وأخدت منه عقله ووقاره..
وقف قدام بياع البسبوسة وطلب منه حتتين..
البياع فرح ولف له حتتين البسبوسة في ورق نضيف وبعدين ناولهمله..
الراجل نده على حد من جوا عشان يطلع ياكل معاه البسبوسة..
وطلع الحد ده ابنه الصغير..
قعدوا ياكلوا البسبوسة مع بعض، وهو بيحكيله عن ذكرياته زمان مع واحد بياع شبه البياع ده لما كان في سنه..
وفي اللحظة اللي كانوا هما منهمكين فيها في الأكل، كان بياع البسبوسة بيكمل زق لعربيته..
كان بيواصل رحلته في الشارع عشان يوصل لمحطة جديدة قدام محل تاني..
محطة شايله له الرزق والفرحة وشايله لغيره اللذة والذكريات الحلوة.. 

الاثنين، 10 فبراير 2014

جزمة حمرا

كان دوري النهاردة في اللبس..
أنا عارفة قد إيه هي منعت نفسها تلبسني الفترة اللي فاتت عشان تتجنب الكلام..
بس هو يعني أنا كنت هاعمل إيه؟!..
ذنبي إني لوني صارخ وبيخطف العيون؟!..
عارفين ساعات اتمنيت إن ما كنتش جيت الوجود أصلا..
بس في ساعات تانية كنت باهون على روحي وأقول دي ضريبة الجمال..
والنهاردة أول ما لمست قلبي دبت فيا الحياة والدفا..
وقررت إني أرد لها الجميل..
كان لازم أخليها أنيقة في عينين كل اللي هيشوفوها..
واحنا في الشارع كنت باجرها بشكل لا إرادي بعيد عن كل الحفر وبرك الميه الصغيرة المنتشرة في الشارع..
ما هو أنا كمان مش عاوزة أبدأ اليوم بداية سيئة وأضيع جمالي ولوني اللي الي بيبرق..
وبعدين أنا باكره التراب أوي ومش ممكن أسمح له يقرب مني مهما حصل..
وهو لازم يفهم إني أنا دايماً هافضل فوق وهو تحت..
"ما العين برضه لا يمكن تعلى عن الحاجب.."
بس عارفين أنا ساعات كتير باخاف من نظرات الناس..
وعشان كده كنت باجرها لشوارع جانبية هادية مفيهاش حد..
وكل ده عشان أعرف أتمايل وأتمخطر براحتي..
من غير ما عين تندب فيها رصاصة تبقى بتراقبني لحد ما أتشنكل في طوبة وأقع وأوقعها معايا..
تقولوش العين دي متآمرة هي والتراب عليا ؟!..
بس هي النهاردة كانت قاسية عليا أوي..
خلتني اتحركت كتير ورحنا مشاوير كتير وطلعنا سلالم كتير برضه..
وآخر اليوم لما روحنا رمتني جنب الباب بكل غيظ وراحت قايلة لي..
"أنا عارفة إيه اللي بيخليني أتجنن في دماغي وألبس جزمة غبية زيك بكعب.. لأ وكمان لونها أحمر!" 

الأحد، 9 فبراير 2014

خواطر ليلية


"ساعات الليل يبان جافي
ساعات قاسي ساعات وافي
ساعات جارح ساعات شافي
ساعات برد وساعات دافي
ساعات يشبهني في غيابك 
وأنا مكسور على بابك
كأني وردة في كتابك
كأني بحر مش صافي

الليل والنجوم تحيط به من كل جانب.. وحدها زفراته الحارة تؤنس وحدته.. يحلم بوهم يحتضنه آخر الليل ليقيه صقيع الشتاء ويفيض عليه من نسمات الصيف اللطيفة.. يعلم بأن عليه أن يعتاد الوحدة وألا ينتظر أحداً سواه.. يعلم بأنه ليس أمامه إلا أن يضم بعضه إلى كله لعل شتات روحه يلتئم.. تمر أمام مخيلته صور الراحلين.. غادروا دنياه بأرواحهم لتبقى أجسادهم تعذبه في كل لحظة من لحظات عمره.. يتسائل دائماً لماذا جاءوا إذا كانوا سيرحلون؟!.. يتردد صدى سؤاله في الفضاء بلا رد فيزداد الوجع.. يعلم بأن كل شيء إلى زوال.. لكنه مايزال غير مقتنع أو متقبل لتلك الحقيقة.. 
الحب.. الحلم.. الأمل.. التفاؤل 
كلها كلمات يتصبر بوقع حروفها حين ينطقها على شظف الحياة.. لكنه لا يثق بها وبقدرتها على جبر شروخ روحه.. تلك الروح التي كانت تبدو كتمثال كريستالي معروض خلف إحدى الواجهات الزجاجية.. تمثال أُعجب به الكثيرون ممن مروا أمام تلك الواجهة.. ربما توقفوا قليلاً ليتفحصوه ويدققوا النظر فأشعروه بأهميته ومدى جماله.. لكنهم مضوا إلى وجهاتهم دون اكتراث لشأن التمثال.. ومع ابتعاد ظلال كل منهم كان هناك شرخ يرتسم على جسد التمثال.. حتى صار مشوهاً وما عاد الصقل وأدوات التلميع قادرة على تزيينه حتى!
يعلم أن واقعهم صعب وظروفهم قاسية.. لكن واقعه أصعب وظروفه أقسى.. ذلك الكهل صغير السن الكامن بداخله، الكهل الذي كان كل قُوته صوت عذب، ونغمة رقيقة وإحساس صادق.. حاول أن يتغير كثيراً ليصير أكثر مادية وأقل إحساساً عله بذلك يرحم أنين دقات قلبه الصغير.. لكنه لم يفلح في النهاية.. اعتزل الناس واكتفى بأن ينظر إلى السماء كل ليلة.. فوحدها النجوم التي تلمع في كبد السماء هي الأكثر صدقاً والأدوم وجوداً عن كل أولئك العابرين !  

الجمعة، 7 فبراير 2014

الأراجوز

اليوم عاد الأراجوز أو المشخصاتي - كما يطلق عليه معارضيه-  للظهور على شاشة التلفاز.. 
عاد باسم يوسف ببرنامجه "البرنامج" لمشاهديه الحقيقيين..
أولئك الذين لا تهمهم سلطة ولا أسماء رنانة ولا تابوهات..
ومنذ البداية كانوا ثابتين على موقف واحد "نقد المخطئ أياً من كان"..
باسم ليس محارباً أو شخصاً فوق مستوى النقد..
لكنه اختار الأسلوب الوحيد المقبول في بلدنا للتعبير..
فالاعتراض بجدية أصبح أمراً مكروهاً والناس قد صمت أذنها عن الاستماع إلى أي شيء ضد ما هي مقتنعة به..
أو بعبارة أخرى ضد ما "قد صارت تعبده" !..
ومنذ القدم كان الأراجوز هو الوسيلة الوحيدة القادرة على الشكوى من صعوبات الحياة وتقلبات الزمن..
إذ أوضح المستشرق الألماني الشهير «ليتمان» أن كلمة «قراجوز» هي تحريف تركي للاسم العربي «قرقوش» الذي كان يسمى به أحد الوزراء في العصر الأيوبي، وكان قد اشتهر بالظلم والقسوة حتى أصبح اسمه رمزاً للظلم، فيقول العامة «حكم قراقوش». وبعد أن انتهى حكمه أخذت الجماهير تسخر من مظالمه وتتندر بسلوكه الجائر وتطلق اسمه على كل من يحذو حذوه، وهكذا سموا الفن الذي يشخص هذه السخرية من قراقوش باسم «قراجوز» بعد أن حرفت الكلمة بفضل التأثير التركي ثم عادت وحرفت إلى أراجوز بفضل تأثير اللهجة المصرية*..
وفريق عمل برنامج "البرنامج" كل هدفه انتقاد الظلم والأوضاع الخاطئة من خلال السخرية بنفس الطريقة التقليدية..
لكن ولأنه بالتعبير المصري "داس عالجرح" فإنه سيظل دائماً مهدداً بالتوقف..
وسواء أن توقف عرضه أم لا..
وسواء كانت إعادة عرضه على قناةMBC مصر وراءه "أغراض شريرة"..
فإن الصوت المعارض الحر سيظل انتقاد الأوضاع بالطريقة التي يرتئيها..
حتى لو كانت السخرية باستخدام أراجوز !!
على الهامش :  أغنية فريق كايروكي التي تم عرضها بالاشتراك مع سعاد ماسي رائعة.. والألبوم يبدو أنه جيد جداً كعادة الفريق .
-----------------------------------------------------------------   
* موضوع عن فن الأراجوز بعنوان : ذلك المسمى قره قوز   
 
 

الأربعاء، 5 فبراير 2014

حوار مع الموسيقى (المزيكا)

مفتتح
هي الرفيقة الوحيدة الأكثر إخلاصاً لي.. أشكرك من كل قلبي لأنك هنا دائماً
إهداء إلى المزيكا التي أحبها
-----------------------------------------
مع تغريدات الصباح تتسلل إلى هامسة في أذني: استيقظي.. 
فأفتح عيناي لأجدها أمامي تتجلى في صورة نغمات شرقية مرافقة لصوت جارة القمر فيروز وهي تغني "غالي الدهب غالي وضحكت عناقيده.. عالي الورد عالي وشو طالع بإيده".. أجلس على السرير متكاسلة بعض الشيء ثم أحييها قائلة : صباح الخير 
فترد: صباح الياسمين.. هيا بنا فأمامنا رحلة شاقة
- ألا يمكنني أن أعود إلى النوم؟!
- لا فقد حان موعد رقصة العمل.. تحركي بخفة ودوري في أركان الغرفة وكما تسللت إليك بخفة تسللي إلى ثيابك وتعطري وتأنقي فأنا أريدك رائعة الجمال..
- لا أقدر ففي روحي ثقب كبير واسع لم تستطع أن تداويه الأحلام.
- وأين ذهبت أنا؟!.. فقط أمسكي بيدي وأنت تقومين بخطوات الاستعداد، وسأمنحك كل القوة التي تحتاجينها والنشاط اللازم لبداية المعركة اليومية.. 
- لكنني أمقت المكان الذي سأذهب للعمل به، وأمقت أولئك الأشخاص الموجودين فيه..
- وهل ظننت أني أغفل عن شعورك ذاك.. لا تقلقي سأحيطك بجناحاي الرقيقان وسأعزلك عن ذلك العالم البغيض.. فقط هيا حتى لا نتأخر..
- حسناً.
أنتهي من ارتداء ثيابي والتأنق وأهبط إلى الشارع فتصرعني أبواق السيارات والزحام.. أتأفف فأجدها تهتف داخل أذني بكلمات فريق وسط البلد : "شمس النهار هتجيني.. هتغني وتصحيني غنوة أمل وحياة ولا عمري سمعتها.. مع أول شوق هاروق وهاشوف حاجات كتير.. ما شفتش زيها"
ثم كلمات فريق كايروكي : "كل يوم ممكن يكون بداية .. وخيالك دايما مالوش نهاية.. دايماً فيه جديد"..
فأشعر بأننا نتراقص وأنها جعلتني أطير لا أمشي على قدمي في الشارع..
أصل إلى العمل وأدلف إلى المكتب فتطالعني الوجوه الرتيبة الكئيبة ذاتها.. أجلس في حنق وضيق وقد تبخرت شحنة الإيجابية التي بثتها في داخلي وأتساءل أين تراها ذهبت؟!.. فأكتشف أنني قد خفضت حدة صوتها داخل أذناي بيدي هاتين.. فأغضب من نفسي وأعتذر لها..
- سامحيني تركتك هكذا بدون استئذان .. بل وكانت جريمتي أكبر لأنني كتمت صوتك اللطيف..
- لا تقلقي أنا لم أتضايق على الإطلاق وأتفهم الأمر تماماً.. فهم يحتاجون إلى تركيزك بعض الشيء .. ويحتاجون لتحية صباحية منك ترافقها الابتسامة.. وتذكري أنك حين تبتسمين تكونين أجمل مخلوقة على الإطلاق..
أبتسم بيني وبين نفسي فتظهر الابتسامة على وجهي فيبتسم الجميع من أمامي..
أقول لها : وماذا الآن ؟!
ترد : هيا إلى كوب القهوة الصباحية وسأكون رفيقتكما فأحول العالم من حولك إلى جنة..
وتدور عقارب الساعة مع النغمات التي ترسلها إلي حتى يحين موعد الانصراف.. وعلى البوابة التي تفصل بيني وبين الشارع تقول لي : هيا معي سأجعلك تقابلين أناس جدد ينسونك كل ما صادفته من ضيق خلال اليوم.. 
أسألها : من يا ترى سنقابل ؟!
فتجيب : سنحتسي الشاي مع عمر خيرت وجهاد عقل وعمر خورشيد وياسر عبد الرحمن..
فأصفق في جذل كالأطفال وأمسك بيدها لتقودني حيث اللقاء.. وما كان اللقاء سوى مشهد خيالي في رأسي تشكل لوحته هي بنغمات كل أولئك المبدعين.. لكن أروع ما فيه أنها تمكنت من جعلي أنسى كل مظاهر القبح والضوضاء التي أجدها في طريقي إلى المنزل..
وقبيل المغرب نجلس أنا وهي معاً لنحتسي القهوة الفرنسية التي نعشقها أنا وهي في هدوء.. أقول لها : بي من الحنين ما يزيد الثقب الموجود بداخل روحي.. ترى ماذا أفعل ؟!
تربت على كتفي وتحتضنني وتهمس في أذني بكلمات منير "ربك لما يريد أحلامنا هتتحقق وكلامنا حيتصدق والغايب حيعود" ..
وعندما يهبط سواد الليل تصيح في نشاط : هيا بنا لنرقص !
أرد في حيرة : لكنني لا أعرف الرقص !!
فتقول: لا تشغلي بالك فقط ضعي كفك في كفي ويدك الأخرى على كتفي وأنا سأطوق خصرك وأقوم بمهمة السيد الأنيق الذي سيطلبك للرقص..
أضحك في خجل، فتعقب : لا مجال هنا للخجل.. يوماً ما سيكون هو حقيقة وسأكون إلى جوارك أمنحك لحظاتك كل الجنون والرومانسية التي تحبينها.. وتردف : هيا هيا لا تضيعي الوقت... ثم تنحني أمامي وتقول : هل تسمح لي أميرتي بهذه الرقصة؟!
فأجيب باسمة: بالطبع ..
فيدور في الخلفية مزيج موسيقي رائع بين نغمات السالسا والتانجو فنظل نرقص حتى أهتف بها: يكفي لقد تعبت.. أنا لست بخفتك ولا نشاطك.. فترد علي قائلة : عندما تزيلين كل تلك الهموم من قلبك ومن فوق كتفيكِ ستكونين مثلي.. أقول لها : أرجوكِ لا تتركيني حتى أصير مثلك.. فترد : ومن قال لك أننا سأتركك يوماً.. أنتِ رفيقتي وصغيرتي وحبيبتي.. أنت وحدك من يمنحني الحياة.. ومن بريق عينيك أستمد القوة والنشاط..
 أقول لها: بل أنت كل الحياة بالنسبة لي.. فتبتسم في سرور.. لكنها تختفي سريعاً حين تطلبني أمي وتقول لي بأن علينا الخروج لقضاء بعض الأمور..
أرتدي ثيابي على عجل ثم ننزل أنا وأمي إلى الشارع.. وفي لحظات تنجح أبواق السيارات وأصوات الباعة الجائلين وضوضاء السائرين في الشارع في تحويلي لكائن عصبي المزاج وأبدأ بالتذمر والسباب إذا اقترب مني أحد أو رأيت تصرفاً سيئاً من السائقين في الشارع.. تهتف في أذني : اهدئي.. إنك بذلك تمنحينهم الفرصة لقتلك بدم بارد وهم في النهاية لن يكترثوا لأمر حياتك أو مماتك.. ارفقي بنفسك .. 
فأقول لها: وماذا أفعل ؟ .. تقول لي : الآن يحين دور جنية الموسيقى الطيبة.. وفجأة تنبعث في أذناي قائمة بأغاني المفضلة لدين مارتن وسيناترا ودوريس داي ونات كينج كول وإيديث بياف وكثيرين .. ليتحول المشهد أمامي من مجرد سير في شارع يضج بأشخاص مزعجين إلى حديقة غناء أسير فيها وحدي بهدوء.. وأنسى عندها كل ما يمكن أن يكون قد تسبب بمضايقتي..
وعند العودة للمنزل أقول لها : أشعر بأن بداخلي طاقة رهيبة تريد الخروج.. فتقول لي: إن حلك الوحيد بأن ترقصي وحدك هذه المرة على نغمات الروك آند رول أو على إيقاعات شرقية.. أقول لها : معك حق، ثم أغمز لها بطرف عيني وأعقب : لكنني لكن أفعل هذا وحدي.. فتغرق في الضحك، ونبدأ فقرة راقصة على نغمات شرقية غربية حتى ينهكنا التعب.. 
هنا تقول : حان موعد النوم يا صغيرة.. أقول لها: لا أريد .. فتمسك بيدي وتقودني إلى السرير هامسة في أذني بكلمات فيروز : "يلا تنام يلا تنام.. أضحك على أسما تتنام".. أبتسم لحركتها المتمثلة في نطق اسمي بدلاً من اسم ريما الذي من المفترض أن يكون في الأغنية.. وما هي إلا لحظات حتى أغرق في النوم..
لكنني أراها في الحلم .. فأركض نحوها وأقول : لم أشبع منك .. لم أكتشف كل العالم كما وعدتني.. فترد وتقول : لا تقلقي فغداً يوم آخر.. وسأصحبك عبر السلم الموسيقي إلى أماكن لم تخطرعلى فكر بشر.. وسنلتقي بمبدعين كثيرين.. مثلك تماماً.. رقة الإحساس والصدق هي أهم ما يميزهم..  
أقول لها : أأعتبر هذا وعداً جديداً ستنفذينه ولن تخلفيه؟!.. ترد : بالطبع .. فرحلتنا وصحبتنا ستظل مستمرة حتى انطفاء آخر شمعات عمرك.. فقط عليكِ أن تصدقي بي وتؤمني بوعدي.. فأنا وحدي من سأظل مخلصة لك أبد الدهر.. 
 أتمتم والنعاس يغلبني داخل حلمي : صدقت !!     

الثلاثاء، 4 فبراير 2014

أن تكون أو لا تكون 1

أن تكون يعني..
أن تبدأ من جديد..
أن تجرب التصرف بشكل مختلف عما اعتدته..
أن تكتشف أشياءً وعوالم جديدة بداخلك.. 
أن تمنح لنفسك كل المساحة التي تحتاجها في لحظات الفرح ولحظات الحزن..
أن تثق بنفسك وبأن لديك ما يميزك عن كل من حولك..
ألا تكون يعني..
ألا تحلم..
ألا تحب..
ألا تشعر بمن حولك..
ألا تجعل تصرفاتك نابعة من قلبك وعقلك..
ألا تقف على قدميك مرة أخرى بعد كل انهيار أو هزيمة تلقاها في حياتك..
 

الاثنين، 3 فبراير 2014

النبتة والبستاني

فوق التربة الجافة استلقت بهدوء.. هي التي قضت لحظات احتضارها الأخيرة وهي تئن من العطش.. أما هو فوقف أمامها يبكي بدموع حارة.. لكنها كانت تتعذب أكثر وأكثر كلما سقطت فوقها دموعه تلك.. فبدلاً من أن تنقذها من الجفاف وترويها، كانت تلهب ريقها لشدة ملوحتها.. وبدلاً من أن تشعرها دموعه تلك بالشفقة أو التعاطف زادتها حنقاً عليه.. لقد كان يملك الماء العذب الذي يمكنه أن يروي به عطشها ذاك، لكنه تراخى في إحضاره.. كان يقف على بعد خطوات من بئر الماء العذب لكنه لم يتحرك قيد أنملة تجاهه.. أخذت تتضرع إليه وتناشده بأن يسقيها، وهو لا يرد عليها سوى بالتمتمة والعَبرات.. فهمت من بين تمتماته أنه يخشى النزول في البئر لأنه مليء بالأفاعي.. كما أن البئر عميق جداً وهو لا يدري أهناك ماء بالفعل أم لا.. وأضاف بأنه حتى لو كان هناك ماء فكيف سيتفادى الأفاعي الموجودة هبوطاً وصعوداً.. 
ردت من بين أناتها بفكرة البحث عن دلو يدنيه إلى البئر ويسقيها به.. لكنه أخبرها بأن هناك دلو بالفعل، لكنه يحتاج إلى الإصلاح وهو لا يملك الأدوات اللازمة لذلك.. وحتى الحبل الموجود بجوار البئر مهترئ تماماً بما يؤكد حتمية سقوط الدلو إلى أعماق البئر دون عودة !.. أخذت تبكي وتندب حظها مرتين.. مرة لأنه جعلها تنبت في تلك الأرض الجرداء.. لكن هل كان ذنبها أنها حاولت تحدي المستحيل وتسلحت بالأمل وحب الحياة؟!.. أما الثانية فكانت بسبب أن نجاتها توقفت على البستاني الخطأ.. ذلك البستاني العاجز، الذي نسي أنه هو من رمى بذورها في قلب تلك التربة الجافة.. هو الذي جلبها إلى الحياة وفي نفس الوقت سيودي بها إلى الهلاك.. ناشدته في لحظاتها الأخيرة بأن يتصرف وينقذها.. فليبحث حوله عن أي قطرات ترويها.. لكنه بقي واقفاً غارقاً في عبراته.. صرخت فيه لم لا تحاول أن تفعل شيئاً؟! هل ستكون سعيداً بموتي؟!.. كانت تتمنى لو أن يغامر وينزل إلى البئر ليرويها.. على الأقل سيؤكد لها بأنه لم يكن يقصد تعذيبها.. وستصدق بأنه مستعد للتضحية بحياته لأجلها، وأنه لم يجلبها إلى هذا العالم هباءً.. هي لم تكن تريد موته، بل كانت تريده أن يستخدم ذكائه ولو لمرة واحدة.. كانت تريده أن يقاوم.. أن يحارب في سبيل ألا تفنى كما وعدها، حين همس لها وهو يلقيها في التربة :  سأحميكِ من كل الأخطار مهما كلفني الأمر حتى يتحقق حلمي وأراكِ ملكة هذه الأرض.. فوحدك من سيجلب لها الخير..   
كانت تفهم سبب مخاوفه لكنها غير قادرة على تقبل عجزه، وغير قادرة على مسامحته على خذلانه لها.. وفي النهاية ماتت النبتة المسكينة بين يدي بستانيها، تاركة إياه غارقاً في الحسرة.. تلك الحسرة التي صنعها بنفسه وستبقى لتعذبه أبد الدهر !!

الأحد، 2 فبراير 2014

روح The Spirit



Well you think that you can take me on
You must be crazy
There ain't a single thing you've done
That's gonna phase me
Oh, but if you want to have a go
I just want to let you know
Get off my back and into my game
Get out of my way and out of my brain
Get outta my face or give it you best shot
I think it's time you better face the fact
Get off my back
You know it's all just a game that I'm playing
Don't think that you can't find a way in
That's what I'm saying
Oh if you want to have a go
I just want to let you know 
*******************
روح The Spirit
هو رمز للإرادة..
تحدى العبودية واختار أن يكون حراً..
رفض الوقوف في المنتصف بين أن يكون أو لا يكون..
ورفض بأن يكون عبداً..
أن يكون مجرد حصان يتم امتطائه وخنقه باللجام..
واختار الحرية والبقاء في أحضان أمه الطبيعة البرية..
ليبقى ملهماً لكل من أراد أن يكون نفسه لا الصورة التي يريدها له الآخرون !

---------------------------------------------------------------------
* العنوان يعود إلى فيلم الكارتون الشهير Spirit : Stallion of the Cimarron


السبت، 1 فبراير 2014

ثمن الانتماء أم ثمن الحرية!

هى فكرة وجمعتنا
واساسها الانتماء
وكل فرد فيها
اتعلم الوفاء

انا واحد عادى حبه
ظاهر فى الهتاف
مملكش الا صوتى
وقلب عمره ما خاف
*

لم يكونوا أبداً مخربين.. 
لم يكونوا أبداً همجيين..
هم فقط شباب بسطاء عمادهم الحماس..
بحثوا عن الانتماء إلى كيان ناجح..
كيان يجعلهم قادرين على رفع رؤوسهم بعد أن خذلهم أهلهم ووطنهم..
كانوا جزء من 60 مليون
حبهم للنادي عدى الجنون
كل واحد بيغني يقول
عمري عشان الأهلي يهون
علمونا معنى الحرية
والوفاء فيهم حاجة عادية**
ربما كانت لهم شطحاتهم التي جعلت البعض ينظر لهم بنظرة استنكار، ويرفضون وجودهم..
لكن سواء اتفقت أو اختلفت معهم فلا يمكنك أن تزايد على جرأتهم وكفاحهم لنيل الحرية..
الحرية التي هم أكثر من عانوا من الحرمان منها..
وأكثر من عانوا من قمع الداخلية وممارساتها القذرة بسبب رغبتهم في نيلها..
في بورسعيد ضحايا
شافوا الغدر قبل الممات
شافوا نظام خير ما بين
حكمه والفوضى في البلاد
في بورسعيد كلاب
 لما العسكر فتحوا الباب
 انطلقوا والفوضى عمت
 وقتلوا أغلى الشباب
 منهم كان المهندس
 والعامل منهم ولاد
 راحوا وكان مناهم
حكمك لاغي في البلاد
***


ولأنهم قالوا لا بصوت عالٍ، ولأنهم وقفوا في وجه النظام بكل جرأة وبلا خوف منذ أول يوم في ثورة يناير رأى النظام أنه يجب عقابهم..
لكنهم استخدموا طريقة بشعة غادرة لتنفيذ عقاب لا حق لهم في تنفيذه من الأساس..
فى الاصل دا كان مدرج
وصبح غابة فى غمض العين
الغدر فى كل حتة
صحابى راحوا فين ليه مش باينين
الدم فى كل حتة
ريحة الموت فى كل مكان
راح فين هتاف المدرج
راح فين صوت الشجعان
شايف بعينيا غدر
من داخلية الكلاب
معرفش ياخد حقه بأيده
قام واخده بقفل الباب
****

تم تدبير مؤامرة لقتلهم في بورسعيد..
لكنها لم تكن مؤامرة بل كانت مجزرة..
مجزرة كان أركانها..
تساهل الأمن..
إغلاق الأبواب..
إطلاق بلطجية الداخلية نحو المدرجات..
ليعيثوا قتلاً في شباب أولتراس النادي الأهلي..
تارة بالأسلحة البيضاء لذبحهم..
وتارة أخرى بإلقائهم من فوق سور المدرج..
ثم وقفوا بدم بارد يقولون بأنهم لن يتوانوا عن القصاص لأرواح أولئك الشباب..
لكن وبعد مرور عامين على المجزرة لم تعد الحقوق لأصحابها..
فقط اغتالوا براءة أنس..
وطيبة الغندور..
والتزام كريم خزام..
والخير المتدفق من صانع الحياة محمود سليمان..
وتركوا الحسرة تنهش قلوب ذويهم ورفاقهم وقلوبنا حتى الآن!!
اللهم ارحم أرواح شهداء ضحايا مجزرة بورسعيد 
وانتقم ممن قتلوهم بدم بارد
وسامحنا على تقصيرنا يارب في القصاص لهم 
 -----------------------------------------------
المقاطع الواردة في النص مقتبسة من أغاني الأولتراس التالية :
* فكرة وجمعتنا
**المجد للشهداء
*** حكايتنا 
****جنة الخالدين