الثلاثاء، 17 سبتمبر 2013

أرواح طيبة

مفتتح :
سلام على أرواح طيبة قدرت قيمة العلم واستوعبت في داخلها أرواح الأطفال البريئة.
----------------
عزيزي أستاذ عاطف..
تحية طيبة وبعد..
أرسل إليك هذه الرسالة وأنا أعلم أنك لن تقرأها لأنك الآن في عالم آخر أرقى وأجمل من عالمنا الأرضي اللعين.. كنت أود أن أحكي لكَ مضمون هذه الرسالة وجهاً لوجه.. وأن ألتقيك فترى تلميذتك التي علمتها في حنو وحزم في نفس الوقت كيف صارت الآن..
أستاذي العزيز.. أتذكر الواقعة التي وبخني فيها والدي بشدة وكاد يعاقبني بالضرب لأنني زورت توقيعه في دفتر الإملاء الخاص بمادة اللغة الانجليزية ؟! أتذكر كيف وقفت له ومنعته من أن يمسني بسوء وقلت له بأنني لن أفعل ذلك مرة أخرى ؟! .. أتذكر كيف أنبتني في رفق ولم تقلل من شأني أو تهينني وتهول من حجم فعلتي آنذاك؟!.. لست أدري إن كنتَ تذكر ذلك أم لا لكن قلبي يخبرني بأن تلك الواقعة مازالت تحتفظ لها بركن صغير داخل زوايا عقلك.. كنت أنت أول مدرس خصوصي يقوم بتدريسي مادة اللغة الانجليزية، التي كنت فاشلة جداً فيها وأنا صغيرة.. من كان يتصور أن تلك الصبية الغبية التي كانت تعنفها معلمة اللغة الانجليزية في الفصل دائماً وأبداً، سوف تدخل كلية الألسن وتدرس اللغة الانجليزية إلى جانب الألمانية.. تلك الصبية التي كانت تكره اللغات كثيراً بما فيها لغتها الأم.. لكنك كنت أول من علمها بشكل صحيح وأول من وثق بها ودفعها للأمام فجعلتها تحب الانجليزية كثيراً.. 
أستاذي العزيز أتذكرك كثيراً هذه الأيام.. وقد رأيتك ذات مرة في حلمي بأنك ترتدي ثوب ناصع البياض.. كنت أبكي أمامك وأقول لماذا أخبروني بأنك مت ؟!.. قلت لي بأنك بخير وبأنك تعيش في أفضل مكان.. عندما استيقظت ودموعي على وجنتي تذكرت أنك حقاً غادرت عالمنا إلى غير رجعة فقد توفيت بالسرطان.. من حسن حظي أني لم أشهد عذابك لأنني بالتأكيد لم أكن لأحتمله.. لكنني وبرغم سعادتي بالحلم إلا أنني شعرت بقبضة ألم تعتصر قلبي..
أستاذي العزيز أفتقدك بشدة وأفتقد تشجيعك ومزاحك معي.. لكنني أود أن أخبرك بأنني لن أنساك يوماً ولن أنسى فضلك عليِّ ما حييت.. أدعو الله أن يتغمدك بواسع رحمته ويجعلك في تلك المكانة الجميلة التي رأيتك فيها أثناء حلمي..
أستاذي العزيز في الختام أرجو أن تزورني مرة أخرى فلدي من الحكايات الكثيرة التي أود أن أرويها لك حول اللغة الانجليزية وما فعلته بي .. وكيف أنني مازلت أحبها وسأظل أحبها بسببك مدى الحياة..
كن بخير دائماً..
تلميذتك / أسماء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق