"الحزن
سرطان الروح , وانت كنت العلاج الكيماوى. تقتل السرطان وتقضى على الكثير
من الحياه معه . وانا قررت التوقف عن تناولك ومقاومة سرطانى بنفسي . لقد
اكلت انت من روحى (اكثر) مما اكل السرطان بكثير !!"*
بقلم / نرمين نزار**
***************
القاتل الصامت
يتسلل إلى روحي بكل خفة وفي هدوء شديد.. وفجأة أشعر به كقبضة جامدة تعتصر قلبي وأعماق روحي.. إنه الحزن يا صديقي.. ذلك القاتل الصامت الذي رافقني طيلة سنوات حياتي.. أشعر به دوماً وكأنه في معركة لإزهاق روحي.. لكنها معركة تدور رحاها في صمت.. تماماً كمرض ضغط الدم المرتفع والمعروف باسم القاتل الصامت.. كلاهما يصيب المرء فجأة ويؤدي به إلى الوفاة.. لكن لا كلاهما لا يأتيان على حين غرةٍ منا بل ينجمان عن تراكمات العديد من الأشياء.. فتراكم الهموم والقلق والعصبية الشديدة تؤدي في النهاية إلى الإصابة بارتفاع ضغط الدم لكننا دوماً نتفاجئ حين نصاب به.. كذلك الحزن ينجم عن تراكم الإحباطات وخذلان الأحباء والأصدقاء.. لكننا نتفاجئ في النهاية حين نشعر بإصابته لأعماق الروح.. تلك الإصابة التي قد تودي بها أو تطرح الجسد الحامل لها على سرير في غرفة العناية المركزة..
وأنت.. وحدك أنتَ كنت بالنسبة لي العلاج لذلك القاتل الصامت.. تماماً كأدوية علاج ارتفاع ضغط الدم.. تسكن الأوجاع وتعيد دمي إلى السريان بشكل سلس عبر أوردتي وشراييني.. لكنك في نفس الوقت كنت تلتهم الكثير من طاقتي.. كنت ألهث دوماً في سباق جذب اهتمامك لي وأنت لا تبالي.. وكانت النتيجة أنني سقطت صريعة إدماني لك.. واليوم قررت التوقف عن تعاطيك ومحاولة علاج هذا الإدمان.. وإذا كان الموت مصيراً يتهددني فأنا لا أبالي.. لأنني إذا استمررت في تعاطيك فإنني قد اموت حتماً بجرعة زائدة منك يا دوائي !!
بقلمي أنا
----------------------------------------------------------------------------------
*هذه التدوينة ُنشرت في كتاب بعنوان "اسكندرية بيروت"، مستمدة نصوصه من مدونة بنفس الاسم للكاتبة نرمين نزار (الكتاب والمدونة من بنات أفكارها وخط يدها) "مدونة اسكندرية بيروت"
**نرمين نزار : ُمدونة نشات في مصر ثم ذهبت بصحبة أهلها إلى لبنان. تنقلها المستمر من بلد لآخر كان له أكبر الأثر في منحها القدرة على تقبل الآخر والتعايش مع العادات والتقاليد المختلفة. درست سياسة واقتصاد وعملت مع اللاجئين لمدة خمس سنوات. عملت في مجلة وجهة نظر كناقدة أدبية لكتب وروايات.
للمزيد اضغط على هذا الرابط
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق