الثلاثاء، 25 فبراير 2014

لحظة الاعتراف

مع كل شروق للشمس كان الموعد يتجدد.. كان يستيقظ مبكراً ويسوي هيئته ويقف في المدخل في انتظار استيقاظها.. أما هي فكانت تستيقظ متأخرة عنه وتظل تروح وتجيء في غرفتها في تكاسل رهيب.. وبعد أن تنتهي من الاطمئنان على مظهرها وهيئتها تخرج إلى الساحة لتتمشى وتستمتع بشمس الشتاء الدافئة.. ويظل هو يرقبها من بعيد ليحميها حتى ولو كان ذلك بمجرد نظرات من عينيه يحيطها بها.. كان يود لو يأتي اليوم الذي تشعر فيه بحبه لها وتنهي هذا العذاب.. لكن كيف هذا وهي جميلة الجميلات التي تختال كل صباح في الساحة فيقع الكل صريعي هواها.. بينما هي لا تهتم بأي أحد منهم، ويبدو أن قلبها قد أوصد الباب نهائياً أمام أية مشاعر حب قد يصادفها.. 
ظل على هذه الحال أياماً عديدة حتى جاء اليوم ببدايته الغريبة ونهايته الأغرب.. فلأول مرة يستيقظ متأخراً.. نفض النوم عن جفونه على عجل وأسرع في ترتيب هيئته وخرج إلى الساحة.. لأول مرة يخالف عادته ولا يبقى واقفاً أمام المدخل ليتابعها.. أما هي فمع أول خيط من خيوط الشمس يتسلل إلى حجرتها كانت قد استيقظت والنشاط يدب في أوصالها.. وكالعادة أنهت مظاهر الاهتمام بهيئتها ثم خرجت إلى الساحة.. وبينما هي تتمشى اعترض طريقها غريب.. حاولت إبعاده عن وجهتها لكنه أخذ يحتك بها ويضايقها بهديله.. وهنا لم يستطع صاحبنا أن يقف مكتوف الجناحين فهاجم ذلك الغريب محاولاً إبعاده.. وهنا نشأ شجار أبعدها هي عن الساحة تماماً، ووقفت تتابعه من بعيد وفي قلبها يدب الخوف.. في النهاية انتهى الشجار بطرد الغريب وجرح الحبيب.. فساقتها خطواتها إليه في مشي أشبه بالطيران.. وأخذت تربت على جرحه وتنظر إليه نظرة ملؤها الحب والامتنان.. وهنا لم يستطع الصمت وأخبرها بكل ما يعتمل في صدره، فقط بعدة نظرات من عينيه.. فأومئت إليه بقبول حبه الغالي كأحلى هدية..
لكن القدر كان له كلمة أخرى.. فقد غمرهما فجأة ظل لشخص كبير الحجم.. وامتدت إليهما يده، فأخذه من بين جناحيها وسار به بعيداً.. ومن أحد الأركان أخرج آلة حادة يقال لها السكين، وهوى بها يحركها على عنقه يميناً ويساراً ليذبحه.. أخذ الطير المسكين ينتفض وهو يسلم أنفاسه الأخيرة.. كانت عيناه معلقتان بعينيها للمرة الأخيرة.. أما هي فوقفت تنظر إليه بعيون ملتاعة وقلب كسير.. لقد نسيا أنهما مجرد زوج من الحمام، حكم عليه القدر بأن يكون أحدهما غذاء لشخص ما.. شخص لن يهتم ولو للحظة وهو يلتهمه، بأية مشاعر كان يكنها الطائر المسكين لوليفته.. 
وبعد أن فاضت روحه تجمدت الدموع في عينيها للحظات.. ثم هوت فجأة فوق أرضية السطح لاحقةً به.. فهي لم تحتمل مجرد التفكير في أنها قد تكمل الحياة بدونه، حتى يلحقها نفس المصير.. ليكون اليوم الذي شهد مولد حبهما هو نفسه اليوم الذي ذُبحت فيه أرواحهما قبل أجسادهما !!


    

هناك 4 تعليقات:

  1. :( عزائي الوحيد أنه هما هيبقوا حمام محشي.... عمومًا انا لا أحبذ أكلة الحمام أساسًا

    ردحذف
    الردود
    1. رغم إني بحب الحمام المحشي جداً لكن عمري ما فكرت بنفس الطريقة اللي كتبت بيها التدوينة :( .. انا فعلاً حسيت بوجع وأنا بكتب وقعدت أسأل نفسي هو الطيور اللي بناكلها دي إحساسها بيكون إيه لما بيتاخد منها اللي بيحبوهم ؟؟؟ .. بصراحة احنا متوحشين أكتر من أي حيوان بري مفترس :'(
      على الهامش: فاروق .. أنا باتبسط فعلاً بتعليقاتك ومرورك ^_^

      حذف
  2. الردود
    1. أشكرك جداً على اهتمامك بالقراءة والتعليق يا موناليزا ^_^

      حذف