الاثنين، 26 مايو 2014

أُنْسْ






في أحد المقاهي بذلك البلد الأوروبي - البارد جواً في الشتاء ومشاعراً في الصيف - اعتاد الجلوس.. كان ينتحي بجريدته أو دفتره الصغير يقرأ أو يكتب يومياً في تمام الساعة الثانية عشرة ظهراً.. إلى هنا أمره لم يكن غريباً أو يثير العجب.. حتى ظهرت هي ذات نهار فتبدل الحال.. استبدل الجريدة بوردتين حمراوين وأبقى على الدفتر.. يمارس طقوسه الروتينية المعتادة من شرب القهوة وتناول وجبة خفيفة وكتابة الخواطر.. لكن طريقة الكتابة اختلفت هذه المرة واختلفت معها زاوية الرؤية.. فقد صار يجلس في وضع يهيئ له النظر إليها دون أن تلاحظه.. وحمل هذا الاختلاف روتيناً جديداً محبباً إلى نفسه.. فإلى جانب روتين الجسد صار هناك روتين للروح والقلب.. ينظر إليها وأصابعه تعبث بالوردتين.. ثم يتناول إحداهما ويتنسم عبيرها بشوق.. وبعد أن يمتلئ صدره بعبقها يعيدها إلى الطاولة مرة أخرى.. يدون بضع كلمات في دفتره لا يقاطعه إلا زفرات حارة قادمة من أعماق قلبه.. ينهي الكتابة ويطلب من النادل حسابه.. ينهض ممسكاً بدفتره ووردة حمراء تاركاً الأخرى فوق الطاولة.. فقط كي تؤنس جميلته في الطاولة المقابلة حتى لقاء الغد. 

هناك 3 تعليقات:

  1. العزيزين أحمد ولبنى أشكركما على التشجيع والأهم على وقتكما لقراءة هذه التدوينة :) :)

    ردحذف