‏إظهار الرسائل ذات التسميات حواس. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات حواس. إظهار كافة الرسائل

السبت، 30 نوفمبر 2013

رشفة الغواية

برودة في الأجواء تهاجمها..
فتقرر أن تقاومها بفنجان من القهوة الفرنسية التي تعشقها..
ومع أول رشفة تشعر بأنها دخلت في عالم آخر..
تغمض عينيها فتحس بأن هناك صوت ما يناديها..
تفتح عينيها فيتوقف ذلك الصوت..
تعود لإغماضهما فيعود الصوت مرة أخرى..
وكأنها تتعرض لنوع غير مفهوم من الغواية..
تقرر الاستمرار في إغماض عينيها فيعلو الصوت رويداً رويداً..
وتكتشف أنه صوت من الجنة تصحبه نغمات سحرية..
ثم تقوم تلك النغمات بسحب يدها برفق لتقوم..
وعندما تصبح في منتصف الغرفة تجد نفسها تدور وتتمايل بخفة على تلك النغمات السحرية..
عندئذ تتأكد حقاً أنها قد وقعت أسيرة كلياً لها ولذلك الصوت..
تشعر بالصوت يحتضنها.. 
يربت على أوجاعها..
يخبرها بكلمات منمقة أنها ليست وحيدة..
ثم يداعب أنفها عبق القهوة..
فتسير كالمسحورة إلى كرسيها ترافقها النغمات..
وتواصل رشف القهوة وهي في عالم آخر..
عالم ذو لونين وحيدين..
الأبيض والأسود..
ومع كل رشفة كانت تتوالى النغمات، ويتواصل شدو الصوت الملائكي..
وفجأة تلمحها..
إنها هي.. صاحبة الصوت الملائكي والعينين الحزينتين..
تقف وهي تمسك إبريق قهوة وعدة فناجين..
تدور في الغرفة وهي تشدو في توحد تام مع النغمات السحرية..
وفي اللحظة التي تقرر أن تناديها..
تتوقف النغمات عن السريان..
وتختفي صاحبة الصوت الملائكي..
تقرب فنجانها من شفتيها لتأخذ رشفة أخرى، لعل النغمات تعود مرة أخرى فتعود معها تلك الشادية..
فتكتشف أن فنجانها قد فرغ من قهوته..
تدقق النظر بعينيها في قلب الفنجان..
فتجد أن الألوان قد عادت وأنها صارت في عالم الواقع مرة أخرى..
ولا يتبقى لها سوى ذكرى غواية حملتها رشفة قهوة !!


 


الأربعاء، 27 نوفمبر 2013

نسمة

تقف في الشرفة تطالع الغادي والرائح.. 
لحظات وتسري نسمات هواء باردة، معلنة أنه قد قرر أخيراً أن يرضى على العباد ويرحمهم من قيظ النهار الذي مضى.. 
تمد كفها المفتوحة إلى الهواء ثم تقبض على إحدى النسمات..
تحكم إغلاق قبضتها عليها ثم تقربها من صدرها.. 
لعلها تنزل برداً وسلاماً على النار المتضرمة بداخل روحها المتعبة!

الثلاثاء، 26 نوفمبر 2013

الجحيم

مفتتح :
من قال أن الجحيم هو ما ينتظرنا في العالم الآخر؟!.. 
إننا نحيا الجحيم بعينه على هذه الأرض يا سادة !!  
************************************** 
 1
بدءاً من اللحظة التي تفتح فيها عينيك..
تباغتك (....) بلهيبها الذي يلفح تلافيف مخك..
ولك أن تضع بين القوسين كل ما يبتدر إلى ذهنك، سواء كانت أفكار أم خواطر أم ذكريات إلخ إلخ إلخ....
وإلى أن تعود إلى تابوتك المقدس..
تظل تعاني من تلك النيران التي تستعر في رأسك، وكأنها في حرب مقدسة.. 
غايتها القضاء عليك!!

2
كانت شرارة صغيرة..
انبعثت من جذوة أشعلوها بداخلك..
في البدء كانت الجذوة دافئة واللهيب يتصاعد بخفة..
فتحفزت فراشاتك لأداء طقوس الرقص حول النار المقدسة..
لكنها لم تعلم أنها تؤدي رقصة الموت الأخيرة..
ورويداً رويداً أمعنوا في زيادة لهيب تلك الجذوة..
فتحول الدفء الخدَّاع إلى حريق هائل..
التهم الفراشات بكل برود..
وبين جنبات الرماد..
شُيعت الفراشات في مشهد جنائزي مهيب..
لتُودع في النهاية في معبد القلب الملطخ..
بسواد اللهيب !!


الاثنين، 25 نوفمبر 2013

مشاعر مجسدة !

مشاعر مجسدة !
قد يبدو عنوان هذه التدوينة غريباً بعض الشيء.. فمن المعروف أن المشاعر لا تكون مجسدة وإنما محسوسة.. لكن هذا ما أشعر به حين أشاهد بعض الأفلام (وأعني هنا أفلام الكارتون) !.. ففي الأفلام العادية قد يتكفل الممثل أو الممثلة بتعبيرات وجههم وإيماءاتهم وحركات أجسادهم بإيصال الشعور المطلوب من المشهد.. فإذا كانت مقتضيات الموقف التمثيلي تتطلب مني أن أحزن، شاهدت على الشاشة دموع البطل أو البطلة، ارتخاء أو تهدل أعضاء معينة من أجسامهم، أو تعبيرات الوجه كارتجاف الشفتين مثلاً... وإذا كان الموقف يستدعي مني شعور الفرح، حفزتني اللمعة في أعين الممثلين، انبساط عضلات الوجه، الابتسامة أو الضحكة، وما إلى ذلك من تعبيرات الوجه والجسد القادرة على تسريب شعور الفرح إلى نفسي... وهكذا الأمر مع مواقف الغضب أو الحب وغيرها من المشاعر الإنسانية..
لكن أفلام الكارتون أمر مختلف.. فبرغم أن التقنيات العالية في عالم "الرسوم المتحركة Animation" قد نجحت في جعل الشخصيات الكارتونية تقوم بنفس التعبيرات الجسدية وإيماءات الوجه التي يؤديها البشر في المواقف المختلفة، إلا أنه ليس من السهل أن تصلك الجرعة الشعورية المطلوب نقلها للمُشاهد -بالتحديد للأطفال- من خلال الفيلم.. إنه لأمرٌ صعب أن تُقنع طفلاً بأن يفرح أو يحزن لمجرد مشاهدته للصورة المتحركة أمامه، فما بالك لو كان المُشاهد شخصاً بالغاً؟!.. 
هنا يأتي دور الصوت.. وحدها أصوات الممثلين هي القادرة على جعلك تشعر بالغضب أو الهدوء أو الحماس أو الفرح أو الحزن.. ولهذا أعشق أفلام الكارتون وأعتبر أن الممثل المبدع حقاً هو من ينجح في أداء دوراً في فيلم كارتوني.. وإلى هذه اللحظة لا أفهم كيف تستطيع نبرة صوت عالية أو منخفضة أن تحلق بي بعيداً عن الأرض!!.. كيف يمكنني أن أرى شعور الحماس يتقافز أمام عيني من مجرد صوت ينبعث من شفتين لكيان جامد؟!.. أو كيف يمكنني أن أجد شعور الخوف - الصادر من أصوات بثتها حنجرة فأر كارتوني مرسوم بحرفية على الشاشة - ينزوي أمامي في أحد الأركان مجسداً رعب الفأر من أن يتم اصطياده من قبل بني البشر؟!..صحيح أن المتحدث (وأعني هنا الممثل أو الممثلة) هو شخص ينتمي لعالم البشر، لكنني لا أراه على الشاشة لأتمكن من التفاعل معه !.. فقط تصبح نبرة الصوت هي وسيلته لاختراق عالمي ودفعي، ليس فقط للشعور في أعماقي بإحساس معين، بل أيضاً رؤية هذا الشعور رؤي العين، ولمسه أحياناً!!!
 ومن بين كل الممثلين نجح كلاً من توم هانكس وميج رايان في تحقيق هذا الأمر.. كلاهما له بصمة صوتية استثنائية قادرة على جعلي أرى مشاعر الفرح والحماس والحزن والغضب ككائن حي يتحرك أمامي.. وربما كان هذا أحد أهم الأسباب التي تجعلني أشعر بالمتعة حين أشاهد فيلم Toy Story بأجزائه الثلاثة وفيلم Anastasia بدون ترجمة مكتوبة على الشاشة !..
وقد اخترت هذين المقطعين لمشاركتهما معكم علهما ينجحان في إيصال فكرتي.. 
ففي الأول لا أملك وأنا أستمع إلى توم هانكس وهو يتكلم بلسان وودي راعي البقر مع باز رائد الفضاء في حماس، ليدفعه لمساعدته في الهروب من براثن الولد الشرير، إلا أن أرى شعور الحماس يقفز يُمنة ويُسرة أمام عيني.. مما يحفز شعور الثقة بالنفس ليسكن بداخلي..
وفي الثاني تتمكن ميج رايان بكل حرفية بنبرات صوتها المتهدجة من النجاح في جعلي أشاهد شعور الوحدة الذي عانته "أنستازيا" - نتيجة افتراقها عن عائلتها - منزوٍ في أحد أركان الغرفة وهي تتحدث مع جدتها الدوقة..
آآآآه حقاً لا يوجد أجمل من أفلام الكارتون .. ولا يوجد ما هو أقوى من صوت بشري تفاعل بصدق مع نص مكتوب.. فنجح في جعل شخصية تتحرك على الشاشة، تبدو وكأنها كائن حقيقي !
 




السبت، 23 نوفمبر 2013

وللحياة.. روائح !

أنفاس منتظمة في صحوك.. 
صدر يعلو ويهبط بشكل متتابع في نومك.. 
إذن أنت مازلت على قيد الحياة!.. 
لكن هذه ليست الحياة بالنسبة لي..
أيبدو الكلام غير مفهوماً ؟!..
حسناً سأوضح مقصدي في الأسطر التالية..

- أن تشعر بأنك وُلدت من جديد حين تشم رائحة المخبوزات الطازجة الخارجة تواً من الفرن.. هذه هي الحياة !

- أن تشعر بدفء غريب يغمر روحك الباردة صيفاً وقلبك المتجمد شتاءً حين تشم الرائحة المنبعثة من ملامسة المكواة الدافئة أو الساخنة لقميص أو تنورة أو جلباب أو حتى حجاب الرأس، سواء كان من قطن أو صوف أو حرير.. هذه هي الحياة !

- أن تشعر ببرودة لطيفة محببة إلى النفس عندما تشم الرائحة المنبعثة من العُشب-أو "النجيلة" كما أحب أن أسميها دائماً- الذي تم رشه تواً بالماء.. هذه هي الحياة !

- أن أن تشعر بمذاق السُكر يسري داخل فمك، حين تشم رائحته وهو يذوب داخل ماكينة صغيرة بينما تقف متلهفاً وأنت تنتظر بائع "غزل البنات" ليمنحك قطعة مُحلاة من غيوم السماء، تطير بعدها إلى أعلى نقطة وهي تذوب في فمك.. هذه هي الحياة !  

- أن تشعر بأن كل من تحبهم حولك حين تشم رائحة مخروط البسكوت الذي يُوضع فيه كرات الآيس كريم - أو كما أحب أن أسميه"قُمع الآيس كريم" - والبائع يقوم بصنعه ويجهزه لتُوضع فيه كرات الثلج ذات طعومٍ تعشقها وملونة بألوان تأسرك.. هذه هي الحياة !

- أن تشعر بأن هناك بدايات جديدة تنتظرك حين تداعب أنفك رائحة حذاء جديد قمت بشرائه تواً .. هذه هي الحياة !

- أن تشعر بأن للحروف والكلمات قيمة أعلى من قيمة نبيذ مُعتق حين تتسرب إلى أنفك رائحة الورق القديم.. هذه هي الحياة !